( وفار التنور) _ منصور عبد الحكيم
( وفار التنور) _ منصور عبد الحكيم
=================
حين امر الله نوحا ببناء السفينة لحمل من أمن معه عليها ومعه من كل زوجين من الحيوانات تميهدا لاغراق الكافرين بالطوفان جعل له علامة وهى فوران التنور..
فما هو التنور الذى جعل لنوح علامة اذا حدثت ركب السفينة هو ومن معه ؟؟؟
ويقول القرطبي فى تفسيره:للاية ( حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ( 40 ) ) هود.
وَقَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ,
*فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : انْبَجَسَ الْمَاء مِنْ وَجْه الْأَرْض , وَفَارَ التَّنُّور , وَهُوَ وَجْه الْأَرْض .
*وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ تَنْوِير الصُّبْح مِنْ قَوْلهمْ : نَوَّرَ الصُّبْح تَنْوِيرًا
*وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَفَارَ عَلَى الْأَرْض وَأَشْرَف مَكَان فِيهَا بِالْمَاءِ . وَقَالَ : التَّنُّور أَشْرَف الْأَرْض
*هُوَ التَّنُّور الَّذِي يُخْبَز فِيهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب , وَكَلَام اللَّه لَا يُوَجَّه إِلَّا إِلَى الْأَغْلَب الْأَشْهَر مِنْ مَعَانِيه عِنْد الْعَرَب إِلَّا أَنْ تَقُوم حُجَّة عَلَى شَيْء مِنْهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيُسَلَّم لَهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا خَاطَبَهُمْ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ لِإِفْهَامِهِمْ مَعْنَى مَا خَاطَبَهُمْ بِهِ . { قُلْنَا } لِنُوحٍ حِين جَاءَ عَذَابنَا قَوْمه الَّذِي وَعَدْنَا نُوحًا أَنْ نُعَذِّبهُمْ بِهِ , وَفَارَ التَّنُّور الَّذِي جَعَلْنَا فَوَرَانه بِالْمَاءِ آيَة مَجِيء عَذَابنَا بَيْننَا وَبَيْنه لِهَلَاكِ قَوْمه .
وهناك أقوال سبعة اقوال : الأول - أنه وجه الأرض، والعرب تسمي وجه الأرض تنوراً، قاله ابن عباس وعكرمة و الزهري وابن عيينة، وذلك أنه قيل له: إذا رأيت الماء على وجه الأرض فاركب أنت ومن معك.
الثاني - أنه تنور الخبز الذي يخبز فيه، وكان تنوراً من حجارة، وكان لحواء حتى صار لنوح، فقيل له: إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت وأصحابك.
وأنبع الله الماء من التنور، فعلمت به امرأته فقالت: يا نوح فار الماء من التنور، فقال: جاء وعد ربي حقاً. هذا قول الحسن، وقاله مجاهد وعطية عن ابن عباس.
الثالث - أنه موضع اجتماع الماء في السفينة، عن الحسن أيضاً.
الرابع - أنه طلوع الفجر، ونور الصبح، من قولهم: نور الفجر تنويراً، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
الخامس - أنه مسجد الكوفة، قاله علي بن أبي طالب أيضاً، وقاله مجاهد. قال مجاهد: كان ناحية التنور بالكوفة. وقال: أتخذ نوح السفينة في جوف مسجد الكوفة، وكان التنور على يمين الداخل مما يلي كندة. وكان فوران الماء منه علماً لنوح، ودليلاً على هلاك قومه. قال الشاعر وهو أمية :
فار تنورهم وجاش بماء صار فوق الجبال حتى علاها
السادس: أنه أعالي الأرض، والمواضع المرتفعة منها، قاله قتادة.
السابع: أنه العين التي بالجزيرة ( عين الوردة) رواه عكرمة.
وقال مقاتل: كان ذلك تنور آدم، وإنما كان بالشام بموضع يقال له: ( عين وردة) وقال ابن عباس أيضاً: فار تنور آدم بالهند. قال النحاس : وهذه الأقوال ليست بمتناقضة، لأن الله عز وجل أخبرنا أن الماء جاء من السماء والأرض، قال: " ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيونا " ( القمر: 11). فهذه الأقوال تجتمع في أن ذلك كان علامة. والفوران الغليان. والتنور اسم أعجمي عربته العرب، وهو على بناء فعل، لأن أصل بنائه تنر، وليس في كلام العرب نون قبل راء. وقيل: معنى ( فار التنور) التمثيل لحضور العذاب، كقولهم: حمي الوطيس إذا اشتدت الحرب. والوطيس التنور. ويقال: فارت قدر القوم إذا اشتد حربهم، قال شاعرهم:
تركتم قدركم لا شيء فيها وقدر القوم حامية تفور
قوله تعالى: " قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين " يعني ذكراً وأنثى، لبقاء أصل النسل بعد الطوفان. وقرأ حفص: ( من كل زوجين اثنين) بتنوين ( كل) أي من كل شيء زوجين. والقراءتان ترجعان إلى معنى واحد: شيء معه آخر لا يستغنى عنه. ويقال للاثنين: هما زوجان، في كل اثنين لا يستغنى أحدهما عن صاحبه، فإن العرب تسمي كل واحد منهما زوجاً. يقال: له زوجا نعل إذا كان له نعلان. وكذذلك عنده زوجا حمام، وعليه زوجا قيود، قال الله تعالى: " وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى " ( النجم: 45). ويقال للمرأة هي زوج الرجل، وللرجل هو زوجها. وقد يقال للاثنين هما زوج، وقد يكون الزوجان بمعنى الضربين، والصنفين، وكل ضرب يدعى زوجاً، قال الله تعالى: " وأنبتت من كل زوج بهيج " ( الحج: 5) أي من كل لون وصنف. وقال الأعشى :
وكل زوج من الديباج يلبسه أبو قدامة محبو بذاك معا
أراد كل ضرب ولون. و ( من كل زوجين) في موضع نصب بـ ( احمل). و ( اثنين) تأكيد. " وأهلك " أي واحمل أهلك. " إلا من سبق ". ( من) في موضع نصب بالاستثناء. " عليه القول " منهم أي بالهلاك، وهو ابنه كنعان وامرأته واعلة كانا كافرين. " ومن آمن " قال الضحاك وابن جريج: أي احمل من آمن بي، أي من صدقك، فـ ( من) في موضع نصب بـ ( ـحمل). " وما آمن معه إلا قليل " قال ابن عباس رضي الله عنهما: آمن من قومه ثمانون إنساناً، منهم ثلاثة من بنيه، سام وحام ويافث، وثلاث كنائن له. ولما خرجوا من السفينة بنوا قرية وهي اليوم تدعي قرية الثمانين بناحية الموصل. وورد في الخبر أنه كان في السفينة ثمانية أنفس، نوح وزوجته غير التي عوقبت، وبنوه الثلاثة وزوجاتهم، وهو قول قتادة والحكم بن عتيبة وابن جريج ومحمد بن كعب، فأصاب حام امرأته في السفينة، فدعا نوح الله أن يغير نطفته فجاء بالسودان. قال عطاء: ودعا نوح على حام إلا يعدو شعر أولاده آذانهم، وأنهم حيثما كان ولده يكونون عبيداً لولد سام ويافث. وقال الأعمش : كانوا سبعة، نوح وثلاث كنائن وثلاثة بنين، وأسقط امرأة نوح. وقال ابن إسحق: كانوا عشرة سوى نسائهم، نوح وبنوه سام وحام ويافث، وستة أناس ممن كان آمن به، وأزواجهم جميعاً. و ( قليل) رفع بآمن، ولا يجوز نصبه على الاستثناء، لأن الكلام قبله لم يتم، إلا أن الفائدة في دخول ( إلا) و ( ما) لأنك لو قلت: آمن معه فلان وفلان جاز أن يكون غيرهم قد آمن، فإذا جئت بما وإلا، أوجبت لما بعد إلا ونفيت عن غيرهم.
وهناك من يقول إن أصل كلمة تنور ربما يكون فارسي وتعني " بيت النار " أو عبري وتتكون من شقين "تن" وهو الدخان و "نور" أي النار ،أو ربما يكون الأصل لهذه الكلمة سرياني والتي تعني "جبل الدخان أو النار".
من هذا كله يمكن القول أن التنور في قصة نوح (عليه الصلاة والسلام) لم يكن إلا بركان قد ثار (فار) معلناً بداية نزول العذاب على قوم نوح وهذا الرأى ضعيف ويضاهى ما ذكر عند حاخامات اليهود فى التلمود جاء فى روش هاشاناه (Rosh Hashanah) .. سنهدرين 108
انه قد حاول حشد الآثمة دخول السفينة بالقوة، لكن الحيوانات البرية ظلت تراقب حول السفينة من فوقها، وقُتِلَ الكثيرون، بينما هرب الباقون، فقط ليلاقوا الموت في مياه الطوفان، لم يكن الماء وحده ليضعَ لهم نهاية، لأنهم كانوا عمالقة في القامات والقوة، عندما هددهم نوح بسوط الرب، كانوا يجيبون: "إذا جاءت مياه الطوفان من الأعلى، لن تصل أبداً إلى أعناقنا، وإن جاءت من الأسفل، فنعال أقدامنا كبيرة بحيث تسدّ الينابيع." لكن الرب أمر كل قطرة أن تمر خلال جهنم قبل أن تسقط إلى الأرض، فحرقَ المطرُ الساخن جلودَ الآثمة. العقاب الذي حل بهم كان وفاقاً لجريرتهم. كما جعلتهم الشهوة ساخنين، لذا عوقبوا بالماء الفائر..
كما أن قوله تعالى في نفس القصة {وفجرنا الارض عيونا فالتقى الماء على امر قد قدر } قد يدل على أن الينابيع أو العيون ليست إلا فوهة بركان أو براكين إنفجرت.
نحن نعرف أن البراكين الأرضية (وليس البحرية) توجد في المناطق الجبلية (لم نسمع مثلاً عن بركان ثار في
الصحراء ) ،فهل كانت توجد جبال في قرية نوح ؟
الجواب :نعم ، والدليل على ذلك قوله تعالى على لسان إبن نوح {قال ساوي الى جبل يعصمني من الماء }.
ذكر هنا "جبل" وليس "الجبل" معنى ذلك أنه يوجد أمامه أكثر من جبل يفر إليه.
إن كلمة بركان ليست عربية وإنما رومانية Vulcanus و هي إسم لإله النار عند الرومان.
واذا رجعنا الى قواميس اللغة لمعرفة بعض معان الكلمة ( وفار ....) نجد..فار يفور : فورا . (فور):
1 - القدر: جعلها تفور. 2 - الميزان: عمل له «فيارين»، وهما حديدتان تحيطان بلسان الميزان.
فار يفور : فوارا وفورانا:
(فور) المسك: انتشرت رائحته فار يفور : فورا وفورانا وفؤورا . (فور):
1 - ت القدر: غلت بشدة وارتفع ما فيها. 2 - الماء: نبع من الأرض وتدفق. 3 - العرق: انتفخ وضرب. 4 - ت النار: اشتعلت بشدة.(1)
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) فرَّ / فرَّ إلى / فرَّ من فَرَرْتُ ، يَفِرّ ، افْرِرْ / فِرَّ ، فَرًّا وفِرارًا ، فهو فارّ ، والمفعول مفرور إليه:
• فرّ اللِّصُّ/ فرّ اللِّصُّ من المكان هرَب "فرَرْتُ من العدوّ/ العقاب/ المعركة، - لاذ بالفرار، - {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ} - {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} "
• فرّت فلانةُ من جمالها: كناية عن جمالها.
• فرّ إلى أبيه: لجأ إليه، ذهب إليه "فرَرْتُ إلى كتاب الله وسنَّة نبيِّه، - فرّ إلى الجبال، - {فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} ".
فار الماءُ ونحوُه
1 - اشتدّ غليانه وارتفع حتَّى فاض، وصل درجة الغليان "فار الحساء/ الشاي/ اللبنُ، - {فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّوْر}: فوران التَّنُّور كناية عن اشتداد الأمر وصعوبته، وإيذان لنوح ببدء الطوفان، - {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ} ".
2 - أرْغى وأزبد وأطلق فقاقيع غاز يتناثر منها رذاذ رقيق "فارت كأس المياه الغازية"
فار التّنّور:
نبع الماء و جاش بشدّة من تنّور الخبز المعروف
=================
حين امر الله نوحا ببناء السفينة لحمل من أمن معه عليها ومعه من كل زوجين من الحيوانات تميهدا لاغراق الكافرين بالطوفان جعل له علامة وهى فوران التنور..
فما هو التنور الذى جعل لنوح علامة اذا حدثت ركب السفينة هو ومن معه ؟؟؟
ويقول القرطبي فى تفسيره:للاية ( حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ( 40 ) ) هود.
وَقَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ,
*فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : انْبَجَسَ الْمَاء مِنْ وَجْه الْأَرْض , وَفَارَ التَّنُّور , وَهُوَ وَجْه الْأَرْض .
*وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ تَنْوِير الصُّبْح مِنْ قَوْلهمْ : نَوَّرَ الصُّبْح تَنْوِيرًا
*وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَفَارَ عَلَى الْأَرْض وَأَشْرَف مَكَان فِيهَا بِالْمَاءِ . وَقَالَ : التَّنُّور أَشْرَف الْأَرْض
*هُوَ التَّنُّور الَّذِي يُخْبَز فِيهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب , وَكَلَام اللَّه لَا يُوَجَّه إِلَّا إِلَى الْأَغْلَب الْأَشْهَر مِنْ مَعَانِيه عِنْد الْعَرَب إِلَّا أَنْ تَقُوم حُجَّة عَلَى شَيْء مِنْهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيُسَلَّم لَهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا خَاطَبَهُمْ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ لِإِفْهَامِهِمْ مَعْنَى مَا خَاطَبَهُمْ بِهِ . { قُلْنَا } لِنُوحٍ حِين جَاءَ عَذَابنَا قَوْمه الَّذِي وَعَدْنَا نُوحًا أَنْ نُعَذِّبهُمْ بِهِ , وَفَارَ التَّنُّور الَّذِي جَعَلْنَا فَوَرَانه بِالْمَاءِ آيَة مَجِيء عَذَابنَا بَيْننَا وَبَيْنه لِهَلَاكِ قَوْمه .
وهناك أقوال سبعة اقوال : الأول - أنه وجه الأرض، والعرب تسمي وجه الأرض تنوراً، قاله ابن عباس وعكرمة و الزهري وابن عيينة، وذلك أنه قيل له: إذا رأيت الماء على وجه الأرض فاركب أنت ومن معك.
الثاني - أنه تنور الخبز الذي يخبز فيه، وكان تنوراً من حجارة، وكان لحواء حتى صار لنوح، فقيل له: إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت وأصحابك.
وأنبع الله الماء من التنور، فعلمت به امرأته فقالت: يا نوح فار الماء من التنور، فقال: جاء وعد ربي حقاً. هذا قول الحسن، وقاله مجاهد وعطية عن ابن عباس.
الثالث - أنه موضع اجتماع الماء في السفينة، عن الحسن أيضاً.
الرابع - أنه طلوع الفجر، ونور الصبح، من قولهم: نور الفجر تنويراً، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
الخامس - أنه مسجد الكوفة، قاله علي بن أبي طالب أيضاً، وقاله مجاهد. قال مجاهد: كان ناحية التنور بالكوفة. وقال: أتخذ نوح السفينة في جوف مسجد الكوفة، وكان التنور على يمين الداخل مما يلي كندة. وكان فوران الماء منه علماً لنوح، ودليلاً على هلاك قومه. قال الشاعر وهو أمية :
فار تنورهم وجاش بماء صار فوق الجبال حتى علاها
السادس: أنه أعالي الأرض، والمواضع المرتفعة منها، قاله قتادة.
السابع: أنه العين التي بالجزيرة ( عين الوردة) رواه عكرمة.
وقال مقاتل: كان ذلك تنور آدم، وإنما كان بالشام بموضع يقال له: ( عين وردة) وقال ابن عباس أيضاً: فار تنور آدم بالهند. قال النحاس : وهذه الأقوال ليست بمتناقضة، لأن الله عز وجل أخبرنا أن الماء جاء من السماء والأرض، قال: " ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيونا " ( القمر: 11). فهذه الأقوال تجتمع في أن ذلك كان علامة. والفوران الغليان. والتنور اسم أعجمي عربته العرب، وهو على بناء فعل، لأن أصل بنائه تنر، وليس في كلام العرب نون قبل راء. وقيل: معنى ( فار التنور) التمثيل لحضور العذاب، كقولهم: حمي الوطيس إذا اشتدت الحرب. والوطيس التنور. ويقال: فارت قدر القوم إذا اشتد حربهم، قال شاعرهم:
تركتم قدركم لا شيء فيها وقدر القوم حامية تفور
قوله تعالى: " قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين " يعني ذكراً وأنثى، لبقاء أصل النسل بعد الطوفان. وقرأ حفص: ( من كل زوجين اثنين) بتنوين ( كل) أي من كل شيء زوجين. والقراءتان ترجعان إلى معنى واحد: شيء معه آخر لا يستغنى عنه. ويقال للاثنين: هما زوجان، في كل اثنين لا يستغنى أحدهما عن صاحبه، فإن العرب تسمي كل واحد منهما زوجاً. يقال: له زوجا نعل إذا كان له نعلان. وكذذلك عنده زوجا حمام، وعليه زوجا قيود، قال الله تعالى: " وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى " ( النجم: 45). ويقال للمرأة هي زوج الرجل، وللرجل هو زوجها. وقد يقال للاثنين هما زوج، وقد يكون الزوجان بمعنى الضربين، والصنفين، وكل ضرب يدعى زوجاً، قال الله تعالى: " وأنبتت من كل زوج بهيج " ( الحج: 5) أي من كل لون وصنف. وقال الأعشى :
وكل زوج من الديباج يلبسه أبو قدامة محبو بذاك معا
أراد كل ضرب ولون. و ( من كل زوجين) في موضع نصب بـ ( احمل). و ( اثنين) تأكيد. " وأهلك " أي واحمل أهلك. " إلا من سبق ". ( من) في موضع نصب بالاستثناء. " عليه القول " منهم أي بالهلاك، وهو ابنه كنعان وامرأته واعلة كانا كافرين. " ومن آمن " قال الضحاك وابن جريج: أي احمل من آمن بي، أي من صدقك، فـ ( من) في موضع نصب بـ ( ـحمل). " وما آمن معه إلا قليل " قال ابن عباس رضي الله عنهما: آمن من قومه ثمانون إنساناً، منهم ثلاثة من بنيه، سام وحام ويافث، وثلاث كنائن له. ولما خرجوا من السفينة بنوا قرية وهي اليوم تدعي قرية الثمانين بناحية الموصل. وورد في الخبر أنه كان في السفينة ثمانية أنفس، نوح وزوجته غير التي عوقبت، وبنوه الثلاثة وزوجاتهم، وهو قول قتادة والحكم بن عتيبة وابن جريج ومحمد بن كعب، فأصاب حام امرأته في السفينة، فدعا نوح الله أن يغير نطفته فجاء بالسودان. قال عطاء: ودعا نوح على حام إلا يعدو شعر أولاده آذانهم، وأنهم حيثما كان ولده يكونون عبيداً لولد سام ويافث. وقال الأعمش : كانوا سبعة، نوح وثلاث كنائن وثلاثة بنين، وأسقط امرأة نوح. وقال ابن إسحق: كانوا عشرة سوى نسائهم، نوح وبنوه سام وحام ويافث، وستة أناس ممن كان آمن به، وأزواجهم جميعاً. و ( قليل) رفع بآمن، ولا يجوز نصبه على الاستثناء، لأن الكلام قبله لم يتم، إلا أن الفائدة في دخول ( إلا) و ( ما) لأنك لو قلت: آمن معه فلان وفلان جاز أن يكون غيرهم قد آمن، فإذا جئت بما وإلا، أوجبت لما بعد إلا ونفيت عن غيرهم.
وهناك من يقول إن أصل كلمة تنور ربما يكون فارسي وتعني " بيت النار " أو عبري وتتكون من شقين "تن" وهو الدخان و "نور" أي النار ،أو ربما يكون الأصل لهذه الكلمة سرياني والتي تعني "جبل الدخان أو النار".
من هذا كله يمكن القول أن التنور في قصة نوح (عليه الصلاة والسلام) لم يكن إلا بركان قد ثار (فار) معلناً بداية نزول العذاب على قوم نوح وهذا الرأى ضعيف ويضاهى ما ذكر عند حاخامات اليهود فى التلمود جاء فى روش هاشاناه (Rosh Hashanah) .. سنهدرين 108
انه قد حاول حشد الآثمة دخول السفينة بالقوة، لكن الحيوانات البرية ظلت تراقب حول السفينة من فوقها، وقُتِلَ الكثيرون، بينما هرب الباقون، فقط ليلاقوا الموت في مياه الطوفان، لم يكن الماء وحده ليضعَ لهم نهاية، لأنهم كانوا عمالقة في القامات والقوة، عندما هددهم نوح بسوط الرب، كانوا يجيبون: "إذا جاءت مياه الطوفان من الأعلى، لن تصل أبداً إلى أعناقنا، وإن جاءت من الأسفل، فنعال أقدامنا كبيرة بحيث تسدّ الينابيع." لكن الرب أمر كل قطرة أن تمر خلال جهنم قبل أن تسقط إلى الأرض، فحرقَ المطرُ الساخن جلودَ الآثمة. العقاب الذي حل بهم كان وفاقاً لجريرتهم. كما جعلتهم الشهوة ساخنين، لذا عوقبوا بالماء الفائر..
كما أن قوله تعالى في نفس القصة {وفجرنا الارض عيونا فالتقى الماء على امر قد قدر } قد يدل على أن الينابيع أو العيون ليست إلا فوهة بركان أو براكين إنفجرت.
نحن نعرف أن البراكين الأرضية (وليس البحرية) توجد في المناطق الجبلية (لم نسمع مثلاً عن بركان ثار في
الصحراء ) ،فهل كانت توجد جبال في قرية نوح ؟
الجواب :نعم ، والدليل على ذلك قوله تعالى على لسان إبن نوح {قال ساوي الى جبل يعصمني من الماء }.
ذكر هنا "جبل" وليس "الجبل" معنى ذلك أنه يوجد أمامه أكثر من جبل يفر إليه.
إن كلمة بركان ليست عربية وإنما رومانية Vulcanus و هي إسم لإله النار عند الرومان.
واذا رجعنا الى قواميس اللغة لمعرفة بعض معان الكلمة ( وفار ....) نجد..فار يفور : فورا . (فور):
1 - القدر: جعلها تفور. 2 - الميزان: عمل له «فيارين»، وهما حديدتان تحيطان بلسان الميزان.
فار يفور : فوارا وفورانا:
(فور) المسك: انتشرت رائحته فار يفور : فورا وفورانا وفؤورا . (فور):
1 - ت القدر: غلت بشدة وارتفع ما فيها. 2 - الماء: نبع من الأرض وتدفق. 3 - العرق: انتفخ وضرب. 4 - ت النار: اشتعلت بشدة.(1)
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) فرَّ / فرَّ إلى / فرَّ من فَرَرْتُ ، يَفِرّ ، افْرِرْ / فِرَّ ، فَرًّا وفِرارًا ، فهو فارّ ، والمفعول مفرور إليه:
• فرّ اللِّصُّ/ فرّ اللِّصُّ من المكان هرَب "فرَرْتُ من العدوّ/ العقاب/ المعركة، - لاذ بالفرار، - {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ} - {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} "
• فرّت فلانةُ من جمالها: كناية عن جمالها.
• فرّ إلى أبيه: لجأ إليه، ذهب إليه "فرَرْتُ إلى كتاب الله وسنَّة نبيِّه، - فرّ إلى الجبال، - {فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} ".
فار الماءُ ونحوُه
1 - اشتدّ غليانه وارتفع حتَّى فاض، وصل درجة الغليان "فار الحساء/ الشاي/ اللبنُ، - {فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّوْر}: فوران التَّنُّور كناية عن اشتداد الأمر وصعوبته، وإيذان لنوح ببدء الطوفان، - {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ} ".
2 - أرْغى وأزبد وأطلق فقاقيع غاز يتناثر منها رذاذ رقيق "فارت كأس المياه الغازية"
فار التّنّور:
نبع الماء و جاش بشدّة من تنّور الخبز المعروف
تعليقات