فتنة الشام ولعب الصيبان - منصور عبد الحكيم
فتنة الشام ولعب الصيبان
وردت كلمة ( الفتنة ) في القرآن والسنة
بمعنى عام ، ومعنى خاص.
فالمعنى العام : كل امتحان وابتلاء
يتعرض له الإنسان ، سواء كان من نفسه أو من الشيطان أو الناس ، فينجح فيه وينجو من
الفتنة ، أو يسقط فيها.
والمعنى الخاص : الأحداث والأوضاع التي
تؤدي إلى افتتان المسلمين عن دينهم, وهذا المعنى هو المقصود بالفتن التي أنذر منها
النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد روى الصحابة والتابعون على اختلاف
مذاهبهم أحاديث عديدة حذَّر فيها النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن من بعده ،
وكان الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه معروفاً بين الصحابة بأنه خبير
بأحاديث الفتن ، لأنه كان يهتم بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عنها ويحفظ ما
يقوله.
ولذا نجد كثيراً من أحاديث الفتن في المصادر مسنداً إلى حذيفة عن النبي صلى
الله عليه وسلم أو عن أمير المؤمنين علي رضى الله عنه , حيث كان حذيفة من خاصة أصحابه
أيضاً ، وكان رحمه الله يقول : ( ما من صاحب فتنة يبلغون ثلاث مئة إنسان إلا لو
شئت أن أسميه باسمه واسم أبيه ومسكنه إلى يوم القيامة. كل ذلك مما علمنيه رسول
الله صلى الله عليه وسلم ).
وكان يقول : ( لو حدثتكم بكل ما أعلم
ما رقبتم بي الليل! )
أي لقتلتموني فوراً وما انتظرتم بي إلى
الليل. ( الفتن لابن حماد ) ، وهذا يدل
على أن الأمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قد دخلت في الفتنة.
قال نعيم بن حماد المروزي رحمه الله بسنده في "كتاب الفتن
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (
تَأْتِيكُمْ بَعْدِي أَرْبَعُ فِتَنٍ، الْأُولَى يُسْتَحَلُّ فِيهَا الدِّمَاءُ،
وَالثَّانِيَةُ يُسْتَحَلُّ فِيهَا الدِّمَاءُ، وَالْأَمْوَالُ، وَالثَّالِثَةُ
يُسْتَحَلُّ فِيهَا الدِّمَاءُ، وَالْأَمْوَالُ، وَالْفُرُوجُ، وَالرَّابِعَةُ
صَمَّاءُ عَمْيَاءُ مُطْبِقَةٌ، تَمُورُ مَوْرَ الْمَوْجِ فِي الْبَحْرِ، حَتَّى
لَا يَجِدَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ مِنْهَا مَلْجَأً، تُطِيفُ بِالشَّامِ، وَتَغْشَى
الْعِرَاقَ، وَتَخْبِطُ الْجَزِيرَةَ بِيَدِهَا وَرِجْلِهَا، وَتُعْرَكُ
الْأُمَّةُ فِيهَا بِالْبَلَاءِ عَرْكَ الْأَدِيمِ ، ثُمَّ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ
مِنَ النَّاسِ يَقُولُ فِيهَا: مَهْ مَهْ، ثُمَّ لَا يَعْرِفُونَهَا مِنْ
نَاحِيَةٍ إِلَّا انْفَتَقَتْ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى).
(وهذا الحديث ضعيف جدًا ).
أما فتنة الدهيماء وغيرها فقد ورد فيها حديث صحيح عن عبدِ الله بنِ عُمَر
رضى الله عنهما , قالَ : " كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُعُودًا فَذَكَرَ الْفِتَنَ فَأَكْثَرَ ذِكْرَهَا ، حَتَّى
ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا
فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ ؟
قَالَ : ( هِيَ فِتْنَةُ هَرَبٍ
وَحَرَبٍ ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ ، دَخَلُهَا - أَوْ : دَخَنُهَا - مِنْ
تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسَ
مِنِّي ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ الْمُتَّقُونَ ، ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى
رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ ، ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ، لَا تَدَعُ
أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً، فَإِذَا قِيلَ
انْقَطَعَتْ تَمَادَتْ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا،
حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ : فُسْطَاطُ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ
فِيهِ، وَفُسْطَاطُ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ، إِذَا كَانَ ذَاكُمْ
فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ الْيَوْمِ أَوْ غَدٍ )
رواه أبو داود ( 4242 ) ، وأحمد (
6168) ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
ولا شك أننا في زمان الفتن واختلاط
الأمور، فيحصل الهرج والقتل ، ويفتن الناس في دينهم، ويتسلط أعداء الله على عباده
المسلمين، وعلى ديارهم وبلادهم ، وقد وقع بأهل الشام وأهل العراق من الفتن ما هو معلوم.
عن معمر، عن رجل، عن ابن المسيب، قال:
« تكون فتنة بالشام كان أولها لعب الصبيان تطفو من جانب، وتسكن من جانب، فلا
تتناهى حتى ينادي مناد: إن الأمير فلان» قال: فيقبل ابن المسيب يديه حتى إنهما
لينتفضان، ثم يقول: ذاكم الأمير حقا، ذاكم الأمير حقا». فهو إذا أثر ضعيف.
وفي رواية أخرى : ( ثم تكون فتنة كلما
قيل انقطعت تمادت ، حتى لايبقى بيت إلا دخلته ولا مسلم إلا صكته ، حتى يخرج رجل من
أهل بيتي ). ( الفتن لابن حماد)
عن عصمة بن قيس
السلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم [عن النبي صلى الله عليه وسلم] أنه
كان يتعوذ من فتنة المشرق قيل له: فكيف فتنة المغرب؟ قال: "تلك أعظم
وأعظم".
رواه الطبراني.
وفي رواية عنده
أيضاً: أنه كان يتعوذ في صلاته من فتنة المغرب.
ورجاله ثقات.
ذا الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله
عليه وسلم يشمل الأمر و يوضح بعض ما أرمي إليه بدايةً :
-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَال:
أُحَذِّرُكُمْ فِتْنَةً تُقْبِلُ مِنَ
الْمَشْرِقِ ، ثُمَّ فِتْنَةً تُقْبِلُ مِنَ الْمَغْرِبِ.
والأحاديث الضعيفة والأثارأيضا اذا
وقعت فهى صحيحة لأن الواقع صدقها .
تعليقات