قانصوه الغوري سلطان المماليك البرجية في مصر والشام السادس والعشرين للكاتب منصور عبد الحكيم
السلطان الغوري ونهايته المؤلمة وتاريخ حكمه الظالم
_________________
هو الأشرف أبو النصر قانصوه من بيبردى الغوري الجركسي الأصل، هو من سلاطين المماليك البرجية.ولد سنة (850 هـ- 1446 م). ثم امتلكه الأشرف قايتباي وأعتقه وجعله من جملة مماليكه الجمدارية ثم أصبح في حرسه الخاص وارتقى في عدة مناصب حتى ولي حجابة الحُجّاب بحلب.
وفي دولة الأشرف جنبلاط عين وزيرا. بويع بالسلطنة سنة 906 هـ- 1500 م وظل في ملك مصر والشام إلى أن قتل في معركة مرج دابق شمال حلب سنة 1516م.
كان الغوري مغرماً بالعمارة فازدهرت في عصره، واقتدى به أمراء دولته في إنشاء العمائر، وقد خلف ثروة فنية جلها خيرية، بمصر وحلب والشام والأقطار الحجازية. واهتم بتحصين مصر فأنشأ قلعة العقبة وأبراج الإسكندرية. وجدد خان الخليلى فأنشأه من جديد وأصلح قبة الإمام الشافعى وأنشأ منارة للجامع الأزهر. وله مجموعة أثرية مهمة في حلب مكونة من أبنية وجامع ومدرسة.
بعد خلع السلطان العادل طومان باي (وهو غير طومان باي اخر من حكم مصر بعد الغوري) اتفق زعماء المماليك على سلطنة الغوري بدلا منه، وقد كان الغوري حينها من أهم المماليك المقدمين كونه كان يشغل كل من الدودارية الكبرى والوزارة والاستادارية وكشف الكشاف عند العادل،وصار في آخر أيامه هو «الحركة» القاضي للكثير من الحوائج في الدولة، حتى أظهر تمرداً عليه بإمتناعه عن حضور مناسبة ختم البخاري عنده بالقلعة بعد أن كان العادل قد أرسل خلفه ليحضر.
ولما أطيح بالعادل، كان الغوري من ضمن الأمراء المقدمين الذي ركبوا واجتمعوا سوياً لاختيار السلطان الجديد.
ولم يكن اختيارهم له الا لكبر سنه (60 عاما حينها) وأن ليس له طموح سياسي، مما يجعل مسألة خلعه لصالح أحدهم يسيرة، فحملوه وأجلسوه رغْماً عنه على العرش وهو يبكي ولا يريد المُلك واشترط عليهم ألا يقتلوه وأن يبقوه حياً إذا أرادوا خلعه فوافقوا على ذلك وبايعوه جميعاً.
خالف الغوري سريعاً توقعات خصومه من الأمراء إذ نجح في إبعاد كثيرين منهم وفرض ضرائب باهظة على آخرين واستأثر بالملك، وأظهر حنكة في إدارة شئون الدولة التي انخفضت إيراداتها بشدة بعد اكتشاف البرتغاليين لرأس الرجاء الصالح، إلا أن الإجراءات التي قام بها جلبت غضب الناس والمماليك عليه حيث فرض ضرائب باهظة وخفض الأجور مما أدى لحالة تذمر بين المماليك ولم يمنعهم من عزله إلا خوفهم من انعدام أجورهم بعد ذلك إذا عين أي سلطان اخر.
هُزم الصفويون فى إيران هزيمة شنيعة في معركة جالديران على يد السلطان سليم في 1514 م الذي قام بعد المعركة بالهجوم على إمارة ذو القدر التابعة للمماليك وإبادتها، مما أدى لزوال كافة الدول العازلة للمماليك عن العثمانيين.
مع تطور الأحداث لم يجد السلطان الغوري بدا من ملاقاة العثمانيين لصد خطرهم على الدولة المملوكية والتي كانت مركزا للخلافة الإسلامية العباسية، ومن ثم تقابلت الجيوش المصرية بقيادة السلطان قانصوه الغوري مع الجيوش العثمانية بقيادة السلطان سليم الأول وذلك في منطقة مرج دابق بالشام في أغسطس 1516 ميلادية ونتيجة لخيانة بعض القادة للغوري (خاير بك - القاضي يونس - جان برد الغزالي) هُزم الجيش المملوكي بقيادة الغوري ولقى الغوري حتفه حينذاك، واختُلف في أمر وفاته، فقيل إنه أغمي عليه، أو إنه أصيب بالفالج، فسقط عن فرسه، ومات، ولايعرف بعد ذلك ما حلَّ بجثمانه.
نهاية السلطان الغوري 👇
يذكر المؤرخ ابن إياس فى كتابه " بدائع الزهور فى وقائع الدهور " عن السلطان المملوكى قانصوة الغورى الذى انتهى أمره فى معركة مرج دابق على يد السلطان سليم الأول : " وكانت مدة سلطنته بالديار المصرية والبلاد الشامية خمس عشرة سنة وتسعة أشهر وخمسة وعشرين يوماً، فكانت هذه المدة على الناس كل يوم منها كألف سنة مما يعدون."
ويقول: " وأما ما عد من مساوئه فأنها كثيرة لا تحصى، فأنه أحدث فى دولته من المظالم ما لم يحدث فى سائر الدول من قبله، فمعاملته فى الذهب والفضة وضرب النقود من أنحس المعاملات ".
وكانت سائر السلع فى عهده باهظة الثمن بسبب كثرة الضرائب، وكانت من أعظم مساوئه أنه كان يضع يده على أموال التركات ويأخذ مال الايتام ظلماً، ولو كان للميت أولاد ذكور وإناث، فكان يمنعهم من ميراثهم ويخالف أمر الشرع الشريف."
ويقول أيضا : " وكانت الاموال العظيمة التى يجمعها ظلماً يصرفها فى عمائر ليس بها نفع للمسلمين."
ومن المعلوم ان هذا السلطان قتل في موقعة مرج دابق بعد تعرضه لخيانة أقرب وزرائه إليه
ولم يعثر له على جثة بعد أن دهسته حوافر الخيول.
تعليقات