حضارة (تين بكتو ) المنسية _ منصور عبد الحكيم


حضارة (تين بكتو) المنسية - منصورعبد الحكيم
=============================

تينبكتو أو تُمْبُكْتُو وعرفت قديماً باسم تنبكت والاسم الصحيح لها هو «تين بكتو» و هى مدينة في دولة مالي، من أهم العواصم الإسلامية في غرب أفريقيا، وتلقب «بجوهرة الصحراء المتربعة على الرمال»، وهي البوابة بين شمال أفريقيا وغرب أفريقيا، وهي ملتقى القوافل البرية للقادمين من النيجر وليبيا، وكذلك تجار الملح القادمين من تودني، وقد أنجبت العديد من الفقهاء والعلماء، وازدهرت فيها الحركة الثقافية، وتعاقب عليها الغزاة وآخرهم المستعمر الفرنسي الذي قاومته قبائل المنطقة بقيادة (محمد علي الأنصاري) الملقب (أنقونا) الذي شهد الفرنسيون أنفسهم على بسالته في المقاومة.
أغلب سكانها من الأنصار والطوارق وحلفائهم والقبائل المتفرعة من الأدارسة القادمة من الشمال المغربي وبعض القبائل الآخرى ذات الأصول الأفريقية وتسميتها بتين بكتو ..منسوبة إلى : بكتو وهي عجوز مشهورة لدى : القبائل المحلية ،ثم يأتي الصنغاي بعدهم، وبعض قبائل السود الأخرى.
واحة تمبكتو هي حاضنة الإسلام في الصحراء الكبرى ومنارة للعلم فيها ومجمع العلماء وهي من أشهر المدن في غرب أفريقيا خاصة منذ القرن الثالث عشر إلى أن دخلها المستعمر الفرنسي في أوائل القرن التاسع عشر وأحتلها وأطفأ شعلتها.
وسكان تمبكتو كلهم مسلمون وأشهر القبائل التي تقطن المنطقة هم: قبيلة الآنصار كل أنصر التي ظهر فيها المجاهد الشهير محمد علي الملقب انقونا، الذي قاوم المستعمر الفرنسي عند اجتياحه للمنطقة إلى أن قام الفرنسيون باغتياله عام 1897،وقبيلة السنغاي ذات الأغلبية السكانية وكذلك القبائل المتفرعة من الأشراف الأدارسة الذين أشتروا منطقة شمال النهر من أحد ملوك مالي السابقين وبعض القبائل ذات الأصول العربية والطوارق، والبرابيش.
تأسست «تين بكتو» في أوائل القرن الخامس الهجري الموافق لسنة 1080 ميلادية، و قصة تأسيها أن الطوارق كانوا يعيشون أثناء موسم الأمطار في ربوع صحرائهم ويعودون في فترات الجفاف إلى المناطق الخصبة حول نهر النيجر الشهير، وهو ما دفعهم إلى اختيار موقع تينبكتو حذاء ثنية نهر النيجر، كمكان مناسب لتخزين احتياطي الغذاء. والموقع كانت تسكنه امرأة عجوز من الطوارق من قبيلة «ايمقّشرن» اسمها بتكو، وعليها سمى المكان بـ«تين» بمعنى (أى يخص كذا) «بتكو».
ظلت تمبكتو في البداية عبارة عن مخيم للطوارق، ثم تحولت مع مرور الأيام إلى قرية، وظلت تنمو باضطراد إلى أن تحولت بفضل موقعها من ملتقى للطرق التجارية إلى مدينة يؤمها آلاف التجار والزوار؛ ووصل ذلك أوجه في بداية القرن الرابع عشر الميلادي، حيث انتزعت وبكل جدارة مكانة مدن كبيرة في ذلك العصر مثل «ولاتة» في موريتانيا و«برنو» في غانا، اللتان كانتا من أهم أسواق التجارة في الغرب الأفريقي وقتها .
بدأت تمبكتو بلفت الأنظار إليها كمركز إشعاع علمي بعد رجوع امبراطور مالي «مانسا موسى» من رحلة الحج الشهيرة التي قام بها عام 1325 م ووزع في طريقه إليها آلافاً مؤلفة من سبائك الذهب، خاصة في القاهرة.
مما تسبب في هبوط أسعار الذهب، وقد أمر السلطان الشاعر الغرناطي الملقب بالسهيلي بتصميم جامع كبير والأشراف عليه ، وكانت تلك النواة الأولى لبناء صرح علمي في تينبتكو حيث صار مع مرور الأيام مركزا للعلم، خاصة تبرع امرأة من سركولو (إحدى القبائل المالية) ببناء جامع آخر فيما بعد، وقد ازدهر العلم مع تقاطر الطلبة من شمال وغرب أفريقيا على تينبتكو، وقد ساعد على ذلك الإنفاق السخي الذي قام به التجار على دور العلم فكان أروع تزاوج بين المال والمعرفة في عروس الصحراء، إذ وصل عدد المدارس في ذلك الوقت 180 مدرسة، تضم أكثر من 25.000 طالب، كما وصل مستوى التعليم في تينبتكو ذلك الوقت إلى نفس المستوى الذي وصل إليه في قرطبة وتلمسان، والقاهرة – كما يؤكد «شاربون». وقد ظلت حركة العلم تلك في نمو وازدهار، وكان عمرها واستمرارها مقرون بازدهار التجارة التي تمولها.
كانت أكثر البضائع الرائجة في تينبتكو ذلك العصر من أفخر بضائع الدنيا فكان التجار يقايضون فيها الحرير والتوابل والنحاس الأحمر، ببضائع مملكة مالي الفاخرة التي اشتهر سلاطينها بملوك الذهب، حيث كانت تينبتكو من أكثر مدن أفريقيا التي تصدر الألماس والذهب والعاج وريش النعام، إضافة إلى ملح صحراء «أزواد» الذي اشتهرت قوافله حتى عصرنا هذا، وكانت مثار إعجاب الأوروبيين الذين صوروا عن رحلة «أزلاي» شمال تينبتكو أجمل الأفلام، وهي حقا من أعجب الرحلات، حيث كان تجار الملح ينطلقون من تمبتكو في قوافل تضم عادة أكثر من 300 جمل أصيل يقطعون مسافة شهر في الذهاب والإياب في صحراء «أزواد» الملتهبة، التي لا ماء ولا عشب ولا ظل فيها ثم يعودون منها بألواح الملح الصخري البلّوري من تودَنيّ.
كتب «جان كلود كلو تشكوف »من مجلة « جون إريك » يصف الصحراء «الأزوادية » أنها كانت من الأزمنة السحيقة عبارة عن منطقة خالية من البشر، وظل موقعها على الخرائط خاليا من أي إشارة يقول: إن الطوارق أنفسهم كانوا يتجنبونها ويخشون أن يصيبهم ما أصاب تلك (القافلة المفقودة) التي كانت تضم حوالي 100 شخص وضلت طريقها، وعندما أيقنوا الضياع وهبوا واحداً منهم كل ما بحوزتهم.
(الصورة لمسجد فى تين بكتو )

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العائذ الأول والثاني ونهاية هلكة العرب _منصور عبد الحكيم

الشياطين الملجمة التى تظهر آخر الزمان - منصور عبد الحكيم

الاعشاب والجن لمنصور عبدالحكيم