السماء فوق الأرض سقفا محفوظا بقدرة الله ولا يمكن مغادرة الأرض- منصور عبد الحكيم

السماء فوق الأرض سقفا محفوظا بقدرة الله ولا يمكن مغادرة الأرض- منصور عبد الحكيم

 2019-05-01 14:32:17  منوعات  36





السماء فوق الأرض سقفا محفوظا بقدرة الله:
يقول الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ * وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء: 30-32]
السماء: في اللغة كل ما على فوق الرأس من سقف أو هواء أو بنيان، قال في مختار الصحاح: السَّمَاءُ يذكّر ويؤنث وجمعه أَسْمِيَةٌ وسَمَوَاتٌ والسَّمَاء كل ما علاك فأظلك ومنه قيل لسقف البيت سماء، والسًّمُوُّ الارتفاع والعلو ومنه سَمَوْتُ وسَمَيْتُ مثل عَلَوْتُ وعَلَيْتُ..والسماء تسمى سقفا لأنها فوق الأرض قال تعالى: ﴿وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ﴾ [الطور: 5] 
- قال ابن منظور: والسماء سَقْفٌ على الأَرض ولذلك ذكِّر في قوله تعالى: ﴿السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل:18]، ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا﴾ [الأنبياء:32].

3- محفوظا: حفظ يحفظ حفظا فهو حافظ من اسم الفاعل ومحفوظ من اسم المفعول، والحفظ يعني التعاهد والحراسة والمراقبة والرعاية، والحِفْظ: نقيض النِّسيان وهو التَّعاهدُ وقلّة الغَفْلة والحَفيظ: المُوَكَّل بالشيء يحفَظُه والاحتفاظ: خُصُوص الحفظ تقول: احتفظت به لنفسي واستَحْفَظْتُه كذا أي: سألتَه أن يحفَظه عليك والتَحَفُّظ: قِلّة الغَفْلة حَذَراً من السَّقْطة في الكلام والأمور.
وحَفِظَ الشيء بالكسر حفظا حرسه وحفظه أيضا استظهره والحَفَظَةُ الملائكة الذين يكتبون أعمال بني آدم والمُحافَظَةُ المراقبة والحَفِيظُ المحافظ ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ﴾ [الأنعام:104] ويقال احْتَفِظْ بهذا الشيء أي أحفظه
وحَفِظَ القُرْآنَ: اسْتَظْهَرَهُ وحَفِظَ المَالَ والسِّرَّ: رَعاهُ وحَفِظَ الشَّيْءَ حِفْظاً فهو حَفِيظٌ ورَجُلٌ حافِظٌ مِنْ قَوْمٍ حُفَّاظٍ وهُمْ الَّذِينَ رُزِقُوا حِفْظَ ما سَمِعُوا وقَلَّمَا يَنْسَوْنَ شَيْئاً يَعُونَهُ ورَجُلٌ حَافِظُ العَيْنِ أَيْ لا يَغْلِبُه النَّوْمُ لأَنَّ العَيْنَ تَحْفَظُ صاحِبَها إِذا لَمْ يَغْلِبْهَا النَّوْمُ
والآية التي نحن بصدد تفسيرها تتكون من شطرين الشطر الأول عبارة عن خبر بلفظ مجمل يتضمن ماهية السماء وكيفية خلقها قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا﴾ [الأنبياء:32] والشطر الثاني لنفس الآية هو خبر أيضا ولكنه نتيجة تكونت بسبب سلوك طائفة من الناس هذا السلوك تمثل في إعراضهم عن آيات السماء التي بمجموعها تشكل سقفا محفوظا، قال تعالى: ﴿وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء:32] لذا سنقسم هذا المبحث إلى شطرين وكما يلي:

قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا﴾ [الأنبياء:32] تقاربت أقوال المفسرين لهذه الآية، وكلها تشير إلى حفظ السماء من السقوط على الأرض، ومن الشياطين من أن تخترق السمع، ولهم أدلتهم من القرآن على ذلك، وهناك قول ثالث وهو حفظ السماء من الفساد والانحلال ولكنه كلام عام غير محدد أي لم يحددوا نوع ذلك الفساد والانحلال، فهو معنى غير دقيق يدخل فيه كل فساد يطرأ عليها، سواء من داخلها أو من شيء يطرأ عليها من الخارج، وسواء كان ذلك الفساد كبيرا واضحا أو هو فساد دقيق غير ملحوظ.
يقول علماء التفسير في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا﴾ [الأنبياء:32] أي: محفوظا من أن يقع ويسقط على الأرض دليله قوله تعالى: ﴿ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه﴾ [الحج: 65].
وقيل: محفوظا بالنجوم من الشياطين قاله الفراء دليله قوله تعالى: ﴿وحفظناها من كل شيطان رجيم﴾ [الحجر: 17] وقيل: محفوظا من الهدم والنقض وعن أن يبلغه أحد بحيلة وقيل: محفوظا فلا يحتاج إلى عماد.
وقال مجاهد: مرفوعاً وقيل: محفوظاً من الشرك ..فهي أي السماء للأرض كالسقف للبيت ﴿محفوظا﴾ عن الوقوع  ..أو من الوقوع بقدرتنا القاهرة أو الفساد والانحلال إلى الوقت المعلوم بمشيئتنا أو من استراق السمع بالشهب . وكذا يقول ابن كثير: أي على الأرض وهي كالقبة عليها كما قال: ﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ [الذاريات:47].

وقال: ﴿وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا﴾ [الشمس:5]، ﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ﴾ [ق:6] والبناء هو نصب القبة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [بني الإسلام على خمس] أي خمس دعائم وهذا لا يكون إلا في الخيام كما تعهده العرب ﴿محفوظا﴾ أي: عاليا محروسا أن ينال وقال مجاهد: مرفوعا(12).
وقال الآلوسي رحمه الله تعالى: :من البلى والتغير على طول الدهر كما روي عن قتادة والمراد أنها جعلت محفوظة عن ذلك الدهر الطويل ولا ينافيه أنها تطوى يوم القيامة طي السجل للكتب وإلى تغيرها ودثورها، وقيل: من الوقوع وقال الفراء: من استراق السمع بالرجوم.
ومثل ما تقدم يقول البيضاوي: أي عن الوقوع بقدرته أو الفساد والانحلال إلى الوقت المعلوم بمشيئته أو استراق السمع بالشهب.
2- ﴿وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء: 32] يقول القرطبي: يعني الكفار، قال مجاهد يعني الشمس والقمر وأضاف الآيات إلى السماء لأنها مجعولة فيها وقد أضاف الآيات إلى نفسه في مواضع لأنه الفاعل لها، بيّن أن المشركين غفلوا عن النظر في السموات وآياتها من ليلها ونهارها وشمسها وقمرها وأفلاكها ورياحها وسحابها وما فيها من قدرة الله تعالى إذ لو نظروا واعتبروا لعلموا أن لها صانعا قادرا واحدا فيستحيل أن يكون له شريك(15).
ويضيف أبو السعود قائلا: وهم عن آياتها الدالة على وحدانيته تعالى وعلمه وحكمته وقدرته وإرادته التي بعضها محسوس وبعضها معلوم بالبحث عنه في علمي الطبيعة والهيئة معرضون لا يتدبرون فيها فيبقون على ما هم عليه من الكفر والضلال.

وهكذا تدور عبارات المفسرين رحمهم الله إلى نفس المعنى حيث يقول الآلوسي: وهم عن آياتها الدالة على وحدانيتنا وعلمنا وحكمنا وقدرتنا وإرادتنا التي بعضها ظاهر كالشمس وبعضها معلوم بالبحث عنه معرضون ذاهلون عنها لا يجيلون قداح الفكر فيها وجعل الإعراض بمعنى إنكار كونها آية بينة دالة على الخالق أي هم متفطنون لما يرد عليهم من السماء من المنافع وهم عن كونها آية بينة على الخالق معرضون
عدم امكانية تجاوز الأرض الى السماء:
قال تعالى  : {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ} [الرحمن: 33]
جاء في تفسير الجلالين ما نصه‏: "{يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ} تخرجوا {مِنْ أَقْطَارِ} نواحي {السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} هاربين من الحشر والحساب والجزاء‏ {فَانفُذُواْ} أمر تعجيز ‏أي‏:‏ فلن تستطيعوا ذلك‏ {لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ} بقوة‏،‏ ولا قوة لكم على ذلك‏ {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ} هو لهبها الخالص من الدخان أو‏ معه‏ {وَنُحَاسٌ} أي‏:‏ دخان لا لهب فيه ‏‏أو هو النحاس المذاب‏...".‏
وقوله  {لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ}‏ أى لا يملك السلطان إلا صاحب السلطان.
ومرة أخرى يواجههما بالسؤال‏:‏ {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}؟ وهل بقي في كيانهما شيء يكذب أو يهم بمجرد النطق والبيان؟ ولكن الحملة الساحقة تستمر إلى نهايتها،‏ والتهديد الرعيب يلاحقهما‏،‏ والمصير المردي يتمثل لهما‏: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ}
- جاء في صفوة البيان لمعاني القرآن ما نصه‏: "{لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ} أي لا تقدرون على الخروج من أمري وقضائي إلا بقوة قهر وأنتم بمعزل عن ذلك {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا} يصب عليكما {شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ}‏ لهب خالص من الدخان {وَنُحَاسٌ} أصفر مذاب‏،‏ وقيل النحاس‏:‏ الدخان الذي لا لهب فيه‏.‏ أي أنه يرسل عليهما هذا مرة وهذا مرة‏".‏
وجاء في المنتخب في تفسير القرآن الكريم ما نصه:‏ "يا معشر الجن والإنس ان استطعتم ان تخرجوا من جوانب السماوات والأرض هاربين فاخرجوا‏،‏ لا تستطيعون الخروج إلا بقوة وقهر‏،‏ ولن يكون لكم ذلك‏،‏ فبأي نعمة من نعم ربكما تجحدان؟‏!‏ يصب عليكما لهب من نار ونحاس مذاب‏،‏ فلا تقدران على رفع هذا.
=================

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العائذ الأول والثاني ونهاية هلكة العرب _منصور عبد الحكيم

الشياطين الملجمة التى تظهر آخر الزمان - منصور عبد الحكيم

الاعشاب والجن لمنصور عبدالحكيم