مذهب المرجئة يعود للظهور -- بقلم : منصور عبد الحكيم

المرجئة الجدد ---‫منصور عبد الحكيم‬
==================================
المرجئة هم فرقة إسلامية، خالفوا رأي الخوارج وكذلك أهل السنة في مرتكب الكبيرة وغيرها من الأمور العقدية، وقالوا بأن كل من آمن بوحدانية الله لا يمكن الحكم عليه بالكفر, لأن الحكم عليه موكول إلى الله تعالى وحده يوم القيامة, مهما كانت الذنوب التي اقترفها. وهم يستندون في اعتقادهم إلى قوله تعالى (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). والعقيدة الأساسية عندهم عدم تكفير أي إنسان، أيا كان، ما دام قد اعتنق الإسلام ونطق بالشهادتين، مهما ارتكب من المعاصي، تاركين الفصل في أمره إلى الله تعالى وحده، لذلك كانوا يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة. 
وقد نشأ هذا المذهب في أعقاب الخلاف السياسي الذي نشب بعد مقتل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وعنه نشأ الاختلاف في مرتكب الكبيرة. 
فالخوارج يقولون بكفره والمرجئة يقولون برد أمره إلى الله تعالى إذا كان مؤمنا، وعلى هذا لا يمكن الحكم على أحد من المسلمين بالكفر مهما عظم ذنبه، لأن الذنب مهما عظم لا يمكن أن يذهب بالإيمان، والأمر يرجأ إلى يوم القيامة وإلى الله مرجعه. 
ويذهب الخوارج، خلافا للمرجئة، إلى أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار. في حين وقف أكثر الفقهاء من أهل السنة والمحدثين موقفا وسطا، فرأوا أن قول المرجئة بعفو الله عن المعاصي قد يطمع الفساق، فقرروا أن مرتكب الذنب يعذب بمقدار ما أذنب ولا يخلد في النار، وقد يعفو الله عنه. ويعرف هؤلاء بمرجئة السنة ومنهم حماد بن أبي سليمان وأبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني و عبد المجيد بن أبي رواد وآخرون
قال ابن كثير في بيان سبب تسمية المرجئة بهذا الاسم: " .. قيل مرجئة لأنهم قدموا القول وأرجؤا العمل - أي أخروه " وهم أقسام وفرق متعددة مختلفة في تحديد معنى الإيمان عدّها الأشعري في المقالات اثنى عشر فرقة، وأشهرهم فرقتان:
الأولى مرجئة الفقهاء : وهم الذين يرون أن الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالقلب، لا يزيد ولا ينقص، والأعمال الصالحة ثمرات الإيمان وشرائعه، قال الإمام الطحاوي - رحمه الله - في بيان هذا المذهب: " والإيمان هو الإقـرار باللسان والتصديق بالجنان، وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق، والإيمان واحد، وأهـله في أصله سواء، والتـفاضل بينهم بالخشية والـتـقى ومخالفة الهوى، ملازمة الأولى " (العقيدة الطحاوية).
الثانية مرجئة المتكلمين : وهم الجهمية ومن تابعهم من الماتريدية والأشاعرة، وإليك نقولات عن السلف تبين مذهبهم في الإيمان، يقول الفضيل بن عياض : " أهـل الإرجاء - إرجاء الفقهاء - يقولون : الإيمان قول بلا عمل، وتقول الجهمية: الإيمان المعرفة بلا قول ولا عمل، ويقول أهل السنة: الإيمان المعرفة والقول والعمل " ( تهذيب الآثار الطبري 2/182).، ويقول وكيع بن الجراح : " ليس بين كلام الجهمية والمرجئة كبير فرق؛ قالت الجهمية: الإيمان المعرفة بالقـلـب ، و قال المرجئة : الإقـرار باللسان " أي مع اعتقاد القلب (نفس المصدر السابق)
وقال الإمام أحمد :" الجهمية تقول إذا عرف ربه بقلبه وإن لم تعمل جوارحه، وهذا كفر؛ إبليس قد عرف ربه ، فقال : رب بما أغويتـنى "
ولهم اعتقادات أخرى: كالقول بأن الإنسان يخلق فعله، وأن الله لا يرى في الآخرة، وقد تأثروا في هذه الآراء بالمعتزلة، وكذا رأيهم في أن الإمامة ليست واجبة، فإن كان ولا بد فمن أى جنس كان ولو كان غير قرشي، وقد تأثروا بهذا الرأى من الخوارج الذين كانوا ينادون به ولم يطبقوه.
ومن عقائد المرجئة الجهمية أن الكفر بالله هو الجهل به –وهو قول جهم- وأن الإيمان هو المعرفة بالله فقط وأنه لا يتبعض، ومنها أن الجنة والنار تفنيان وتبيدان ويفنى أهلهما ولا خلود لأحد فيهما.
و قال أحد مفكرين المرجئة عن الإرجاء :
نرجئ الأمور إذا كانت مشبهه و نصدق القول فيمن جار أو عندا
و بهذا كان فكر المرجئة بوجه عام أكبر ستار يختبئ خلفه الطغاه يبررون به ظلمهم و استبدادهم ضد شعوبهم فالقول بالإرجاء كان كالمسكن الذي يحقنه الطغاه في دماء الشعوب لاغتيال غضبهم و قتل أحلامهم ..
وفي زماننا هذا عاد تيار فرقة المرجئة فى الظهور مع الثورات الشعبية عن طريق أفكارًا تشابه في جوهرها أفكار المرجئة و إن اختلفت في ظاهرها فجوهر أفكار المرجئة هى ستار لتبرير الظلم واليوم ستجد من هذا الكثير فبين من يرى الثورة ضد الحاكم الظالم خوفًا من الفتنة كما حدث في الثورة المصرية في الخامس و العشرين من يناير عندما وجدنا بعضًا من الشيوخ يرفضون الثورة لا من حيث جوهرها بإقامة العدل أو لا و لكن برفضهم أي حراك ثوري ضد الحاكم حتى وإن كان مستبدًا ..والقول بعدم تكفير احد مهما كان فعله وقوله حتى ولو كان فعله وقوله الحادا وكفر ومحاربة للدين..
واتفقت كلمة السلف على إنكار هذه المقالة، وذم أصحابها، وتبديعهم.
وكلمة السلف متفقة أيضا على عدم تكفيرهم، ومن ظن من السلف أنهم كفروهم، فقد أخطأ عليهم.
يقول ابن تيمة رحمه الله : "ولهذا لم يكفر أحد من السلف أحدا من مرجئة الفقهاء" .
ويقول ايضا : "ثم إن السلف والأئمة اشتد إنكارهم على هؤلاء - يعني مرجئة الفقهاء -، وتبديعهم، وتغليظ القول فيهم.
وقد نص أحمد بن حنبل رحمه الله وغيره من الأئمة على عدم تكفير هؤلاء المرجئة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العائذ الأول والثاني ونهاية هلكة العرب _منصور عبد الحكيم

الشياطين الملجمة التى تظهر آخر الزمان - منصور عبد الحكيم

الاعشاب والجن لمنصور عبدالحكيم