متى تطلع الشمس من مغربها وماذا يحدث بعدها - منصور عبد الحكيم 


متى تطلع الشمس من مغربها وماذا يحدث بعدها - منصور عبد الحكيم 

منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها والشمس تطلع على أهل الأرض من المشرق وتغرب في المغرب , ولكن قرب النفخ فى الصور وقيام الساعة  ينقلب حال الشمس حسث يكون طلوعها  من مغربها هي علامة من علامات الساعة الكبرى فى الاسلام , يشاهدها العالم كله . وهو تغير مفاجئ في نظام حركة الأفلاك، وذلك أن الناس في صباح ذلك اليوم بينما ينتظرون إشراق الشمس و طلوعها من مكانها المعتاد من الشرق كما هو حالها منذ خلقها الله، فإذا بالشمس تطلع من الغرب، وعندها يقفل باب التوبة وقبول العمل الصالح .
[الأنعام: 158]فى سورة 
قال تعالى(هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ) 
ان شروق الشمس من مغربها واحدة من عدة علامات للساعة الكبرى العشرة، ومن العلامات الكبرى المصاحبة لتلك العلامة  ظهور الدابة ( الجساسة) وكذلك علامة الدخان الواضح، بالإضافة لأعظم الفتن على المؤمنين ألا وهي المسيح الدجال، فنزول سيدنا عيسى عليه السلام، وأخيراً خروج أقوام يأجوج ومأجوج،أمّا ما ذُكر في طلوع الشمس من الغرب في الأحاديث:
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعوتهما واحدة. وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل، وحتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب لي به. وحتى يتطاول الناس في البنيان. وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه. وحتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس -يعني- آمنوا أجمعون فذلك حين ﴿لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً﴾ ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه. ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه. ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها)(رواه البخارى)
وقال ايضا : (بادروا بالأعمالِ سِتًّا الدجالُ والدُّخانُ ودابةُ الأرضِ وطلوعُ الشمسِ من مغربِها وأمرُ العامةِ وخُوَيْصَةُ أحدِكم).[رواه مسلم]
وقال : (إنَّ أوَّلَ الآياتِ خروجًا طلوعُ الشمسِ من مغربِها وخروجُ الدابَّةِ على الناسِ ضُحًى، وأيُّهما ما كانت قبل صاحبتِها فالأخرى على أثرِها قريبًا).[رواه مسلم]
وقال : (أتدرونَ أينَ تذهبُ هذهِ الشَّمسُ ؟ قالوا اللَّهُ ورسولُهُ أعلمُ قالَ إنَّ هذهِ الشَّمسَ تجري حتَّى تنتَهيَ تحتَ العرشِ فتخرُّ ساجدةً، فلا تزالُ كذلِكَ حتَّى يقالَ لَها ارتفِعي ارجِعي من حيثُ جئتِ فتُصبحُ طالعةً من مطلعِها، ثمَّ تجري حتَّى تنتَهيَ إلى مستقرِّها ذاك تحتَ العرشِ، فتخرُّ ساجدةً ولا تزالُ كذلِكَ حتَّى يقالَ لَها ارتفِعي ارجِعي من حيثُ جئتِ، فترجعُ فتصبحُ طالعةً من مطلعِها، ثمَّ تجري لا يستنكرُ النَّاسَ منها شيئًا حتَّى تنتَهيَ إلى مستقرِّها ذاكَ تحتَ العرشِ، فيقالُ لَها ارتفِعي أصبِحي طالعةً من مغربِكِ، فتصبحُ طالعةً من مغربِها، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أتدرونَ متى ذاكُم ؟
 ذاكَ حينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا).[رواه مسلم]
اختلف العلماء في ترتيب ظهور الآيات العظام في آخر الزمان وهي الآيات التي تكون قريبة جدا من قيام الساعة وهي يوم القيامة فمن قائل: إن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض، وينتهي ذلك بموت عيسى بن مريم وإن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي وينتهي ذلك بقيام الساعة.
ولعل خروج الدابة يقع في ذلك اليوم الذي تطلع فيه الشمس من المغرب، ويظهر إن طلوع الشمس يسبق خروج الدابة ثم تخرج الدابة في ذلك اليوم أو الذي يقرب منه، فإذا شوهد ذلك حصل الإيمان الضروري بالمعاينة وارتفع الإيمان بالغيب فهو كالإيمان عند الغرغرة وهو لا ينفع فالمشاهدة لطلوع الشمس من المغرب مثله، والحكمة في ذلك أن عند طلوع الشمس من المغرب يغلق باب التوبة فتخرج الدابة تميز المؤمن من الكافر تكميلا للمقصود من إغلاق باب التوبة.
- قال الحاكم أبو عبد الله: الذي يظهر أن طلوع الشمس يسبق خروج الدابة، ثم تخرج الدابة في ذلك اليوم أو الذي يقرب منه. قلت: والحكمة في ذلك أن عند طلوع الشمس من المغرب يغلق باب التوبة فتخرج الدابة تميز المؤمن من الكافر تكميلا للمقصود من إغلاق باب التوبة، وأول الآيات المؤذنة بقيام الساعة النار التي تحشر الناس؛ كما تقدم في حديث أنس في بدء الخلق في مسائل عبد الله بن سلام ففيه وأما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب وسيأتي فيه زيادة في باب كيف الحشر. قال ابن عطية وغيره ما حاصله: معنى الآية أن الكافر لا ينفعه إيمانه بعد طلوع الشمس من المغرب، وكذلك العاصي لا تنفعه توبته، ومن لم يعمل صالحا من قبل ولو كان مؤمنا لا ينفعه العمل بعد طلوعها من المغرب. وقال القاضي عياض: المعنى لا تنفع توبة بعد ذلك بل يختم على عمل كل أحد بالحالة التي هو عليها.
وهناك قول آخر يقول بأن طلوع الشمس من المغرب لو كان قبل نزول عيسى لم ينفع الكفار إيمانهم في زمانه ولكنه ينفعهم إذ لو لم ينفعهم لما صار الدين واحدا بإسلام من أسلم منهم، وهو كلام صحيح لو لم يعارض الحديث الصحيح المذكور (أن أول الآيات طلوع الشمس من المغرب).

وعلى هذا يكون هناك تأويلان لمعنى طلوع الشمس السابق على نزول عيسى بن مريم:

الأول: إن كان في علم الله أن طلوع الشمس سابق؛ احتمل أن يكون المراد نفى النفع عن أنفس القرن الذين شاهدوا ذلك فإذا انقرضوا وتطاول الزمان وعاد بعضهم إلى الكفر عاد تكليفه الإيمان بالغيب.

وإن كان في علم الله طلوع الشمس بعد نزول عيسى احتمل أن يكون المراد بالآيات التي تظهر بعد ذلك هي آيات أخرى غير الدجال ونزول عيسى إذ ليس في الخبر نص على أنه يتقدم عيسى، وهذا الثاني هو المعتمد والأخبار الصحيحة تخالفه ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رفعه من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه فمفهومه أن من تاب بعد ذلك لم تقبل توبته.
فهذه آثار يشد بعضها بعضا متفقة على أن الشمس إذا طلعت من المغرب أغلق باب التوبة ولم يفتح بعد ذلك وان ذلك لا يختص بيوم الطلوع بل يمتد إلى يوم القيامة ويؤخذ منها أن طلوع الشمس من مغربها أول الإنذار بقيام الساعة .
والمعنى أن أشراط الساعة إذا جاءت وهي آيات ملجئة للإيمان ذهب أوان التكليف عندها فلم ينفع الإيمان حينئذ من غير مقدمة إيمانها قبل ظهور الآيات أو مقدمة إيمانها من غير تقديم عمل صالح فلم يفرق كما ترى بين النفس الكافرة وبين النفس التي آمنت في وقته ولم تكتسب خيرا ليعلم أن قوله: ﴿الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾ [البقرة:25] جمع بين قرينتين لا ينبغي أن تنفك إحداهما عن الأخرى حتى يفوز صاحبها ويسعد وإلا فالشقوة والهلاك.
والمعنى يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا لم تكن مؤمنة من قبل ذلك إيمانها من بعد ذلك ولا ينفع نفسا كانت مؤمنة لكن لم تعمل في إيمانها عملا صالحا قبل ذلك ما تعمله من العمل الصالح بعد ذلك، فلا ينفع بعد ظهور الآية اكتساب الخير لإغلاق باب التوبة ورفع الصحف والحفظة وان كان ما سبق قبل ظهور الآية من الإيمان ينفع صاحبه في الجملة.(فتح البارى ).
والحكمة في شروق الشمس من مغربها  أن هذا أول ابتداء قيام الساعة بتغير العالم العلوي، فإذا شوهد ذلك حصل الإيمان الضروري بالمعاينة، وارتفع الإيمان بالغيب فهو كالإيمان عند الغرغرة وهو لا ينفع، فالمشاهدة لطلوع الشمس من المغرب مثله. وقال القرطبي في التذكرة بعد أن ذكر هذا: فعلى هذا فتوبة من شاهد ذلك أو كان كالمشاهد له مردودة، فلو امتدت أيام الدنيا بعد ذلك إلى أن ينسى هذا الأمر أو ينقطع تواتره ويصير الخبر عنه آحادا فمن أسلم حينئذ أو تاب قبل منه، وأيد ذلك بأنه روى أن الشمس والقمر يكسيان الضوء بعد ذلك ويطلعان ويغربان من المشرق كما كانا قبل ذلك. قال: وذكر أبو الليث السمرقندي في تفسيره عن عمران بن حصين قال: إنما لا يقبل الإيمان والتوبة وقت الطلوع لأنه يكون حينئذ صيحة فيهلك بها كثير من الناس، فمن أسلم أو تاب في ذلك الوقت لم تقبل توبته، ومن تاب بعد ذلك قبلت توبته.
والله أعلم.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العائذ الأول والثاني ونهاية هلكة العرب _منصور عبد الحكيم

الشياطين الملجمة التى تظهر آخر الزمان - منصور عبد الحكيم

الاعشاب والجن لمنصور عبدالحكيم